الرئيسية / مقالات / المرأة البحرينية.. تاريخ من التفاني والتميز والعطاء

المرأة البحرينية.. تاريخ من التفاني والتميز والعطاء

نائب الأمين العام للتظلمات

‮«‬قرأت،‭ ‬تعلمت،‭ ‬شاركت‮» ‬‭ ‬شعار‭ ‬وثَّق‭ ‬بداية‭ ‬انطلاق‭ ‬عهد‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬ليكون‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬يرتكز‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‮»‬‭ ‬ذلك‭ ‬الصرح‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬تفضلت‭ ‬بتدشينه‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬قرينة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬،‭ ‬رئيسة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2001م‭ ‬وباركه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬بما‭ ‬أولاه‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬بالغ‭ ‬ودعم‭ ‬لا‭ ‬متناه‭ ‬وبذلك‭ ‬أصبح‭ ‬المعني‭ ‬الأول‭ ‬بتقدم‭ ‬وازدهار‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمكينها‭ ‬والارتقاء‭ ‬بوضعها‭ ‬وتعزيز‭ ‬مبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭.‬

وبعد‭ ‬مرور‭ ‬عشرين‭ ‬عاما،‭ ‬زخرت‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬منجزات‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬والتي‭ ‬تميزت‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬ومختلف‭ ‬المستويات‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬نموذجا‭ ‬رائدا‭ ‬وسباقا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يعكس‭ ‬شعار‭ ‬يوم‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬المرأة‭ ‬والدور‭ ‬البارز‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬بفضل‭ ‬الدعم‭ ‬والتشجيع‭ ‬الذي‭ ‬تحصل‭ ‬عليه‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية،‭ ‬حيث‭ ‬تفضلت‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيسة‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬باعتماد‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية‭.. ‬مسيرة‭ ‬ارتقاء‭ ‬في‭ ‬وطن‭ ‬معطاء‮»‬‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬شعار‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬جاء‭ ‬ليعكس‭ ‬رؤية‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬وتقديرا‭ ‬وثقة‭ ‬بالدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬العنصر‭ ‬النسائي‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬المجتمع‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬ومنه‭ ‬الى‭ ‬بناء‭ ‬الوطن‭ ‬الحديث‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإنجازات‭ ‬والجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭ ‬والدعم‭ ‬والتشجيع‭ ‬والمساندة‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬عليها،‭ ‬ما‭ ‬ذلل‭ ‬الصعاب‭ ‬وأدى‭ ‬الى‭ ‬تحقيق‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬نشهدها‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬وارتقاء‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭.‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬السياسات‭ ‬التنموية‭ ‬الوطنية‭ ‬والتي‭ ‬انطلقت‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬السبعينيات،‭ ‬حيث‭ ‬اعتمدت‭ ‬فيها‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬بجنسيه‭ ‬معتبرة‭ ‬إياه‭ ‬الوسيلة‭ ‬والهدف‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬معتمدة‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬كل‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬ونساء،‭ ‬وتحقيقا‭ ‬للمساواة‭ ‬والعدالة‭ ‬وضمانا‭ ‬لتكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬والتوازن‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬جليا‭ ‬مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والسياسية‭ ‬وقد‭ ‬تواصلت‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬شمولية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬برزت‭ ‬وتطورت‭ ‬مواكبة‭ ‬للتغيرات‭ ‬والمستجدات‭ ‬المحلية،‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬جاء‭ ‬إنشاء‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات‭ ‬وهي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الاختصاص‭ ‬النوعي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2013،‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭ ‬الوطنية‭ ‬حيث‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبراتها‭ ‬المهنية‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬المتكافئة‭ ‬أمامها‭ ‬للتميز‭ ‬الإداري‭ ‬والوظيفي،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬ادراك‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬التنموي‭ ‬ورسالتها‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬إثبات‭ ‬جدارتها‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التمية‭ ‬للارتقاء‭ ‬بوطننا‭ ‬المعطاء،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬حرصت‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬كوادر‭ ‬كفؤة‭ ‬ومتميزة،‭ ‬للعمل‭ ‬فيها‭ ‬ومنها‭ ‬الكوادر‭ ‬النسائية‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬الإدارات‭ ‬والأقسام‭ ‬كافة،‭ ‬وقد‭ ‬أتاحت‭ ‬الأمانة‭ ‬لعضواتها‭ ‬فرص‭ ‬التدريب‭ ‬واكتساب‭ ‬الخبرات‭ ‬المتنوعة‭ ‬والاحترافية‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬البحرين‭ ‬وبمشاركة‭ ‬خبراء‭ ‬وخبيرات‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬عريقة،‭ ‬كما‭ ‬شاركت‭ ‬المحققات‭ ‬والاختصاصيات‭ ‬والإداريات‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والندوات‭ ‬والفعاليات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بعمل‭ ‬واختصاص‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة،‭ ‬كما‭ ‬شاركن‭ ‬في‭ ‬زيارات‭ ‬وجولات‭ ‬العمل‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬خبرات‭ ‬وتجارب‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬مرموقة‭ ‬وآليات‭ ‬عملها‭.‬

إن‭ ‬مجالات‭ ‬عمل‭ ‬عضوات‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات‭ ‬شملت‭ ‬مجالات‭ ‬جديدة‭ ‬ومبتكرة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجسد‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬نظرًا‭ ‬للمهام‭ ‬الرائدة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الأمانة،‭ ‬فلأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وفي‭ ‬المنطقة‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬كادر‭ ‬نسائي‭ ‬يقوم‭ ‬بمهام‭ ‬مراقبة‭ ‬مراكز‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتأهيل‭ ‬وأماكن‭ ‬الحبس‭ ‬الاحتياطي‭ ‬والاحتجاز،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الزيارات‭ ‬التفتيشية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬محققات‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات‭ ‬لمراكز‭ ‬إصلاح‭ ‬وتأهيل‭ ‬النزلاء‭ ‬والنزيلات،‭ ‬ومراكز‭ ‬الحبس‭ ‬الاحتياطي‭ ‬للرجال‭ ‬والنساء،‭ ‬ومركز‭ ‬إبعاد‭ ‬المحتجزات‭ ‬الأجنبيات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬زيارة‭ ‬مركز‭ ‬رعاية‭ ‬الأحداث،‭ ‬كما‭ ‬تقوم‭ ‬المحققات‭ ‬في‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات‭ ‬بتلقي‭ ‬شكاوى‭ ‬الجمهور،‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬وفق‭ ‬آلية‭ ‬العمل‭ ‬المهنية‭ ‬المتبعة،‭ ‬والتي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الخدمي‭ ‬والمهني،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬الكفاءة‭ ‬والفاعلية‭ ‬والمصداقية‭.‬

إن‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬عضوات‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬مهامها‭ ‬وخدماتها‭ ‬لأفراد‭ ‬الجمهور‭ ‬سواءً‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬أم‭ ‬الرجال‭ ‬بشكل‭ ‬مهني‭ ‬قد‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬بكل‭ ‬تميز‭ ‬وكفاءة‭ ‬وظيفية‭ ‬واضحة،‭ ‬وأسهمت‭ ‬بشكل‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬نجاح‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للتظلمات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬السعي‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬وتعزيزه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مواصلة‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬كسب‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬وتأدية‭ ‬الواجب‭ ‬القانوني‭ ‬والمهني‭ ‬والإنساني‭ ‬الذي‭ ‬تضطلع‭ ‬به‭ ‬الأمانة،‭ ‬بتضافر‭ ‬كل‭ ‬كوادرها‭ ‬ومنها‭ ‬الكوادر‭ ‬النسائية‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬يفوتني‭ ‬التقدم‭ ‬بالتحية‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬البذل‭ ‬والعطاء‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬بيتها‭ ‬أو‭ ‬عملها‭ ‬أو‭ ‬دراستها‭ ‬متمنية‭ ‬لهن‭ ‬النجاح‭ ‬والتفوق‭ ‬والتميز‭ ‬بما‭ ‬ينعكس‭ ‬ايجابيا‭ ‬على‭ ‬أنفسهن‭ ‬وأسرهن‭ ‬والمجتمع‭ ‬بأسره‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬والارتقاء‭ ‬باسم‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬عاليا‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬وكل‭ ‬امرأة‭ ‬بحرينية‭ ‬بخير‭ ‬ورفعة‭.‬

عن محرر الموقع

شاهد أيضاً

الدول وحرب الموانئ؟..

كتب / ا.د جهاد كاظم العكيلي || تتقلب أحداث العالم وفق المصالح الرئيسية التي تجدها …