القرار
تسعى الولايات المتحدة إلى استكمال تجهيز رصيف عائم قبالة ساحل قطاع غزة في الأيام المقبلة، لزيادة عمليات توصيل المساعدات، لكن واشنطن تواجه نفس التحديات التي تواجه الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة منذ أشهر، عندما يتعلق الأمر بتوزيع مساعدات في القطاع.
وتشمل تلك التحديات العمل في منطقة حرب لدرء مجاعة وشيكة، والنقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل شاحنات نقل المساعدات. كما يتعين على الأمم المتحدة أيضاً التوصل للصيغة النهائية لمشاركتها في توزيع المساعدات، بمجرد تفريغها من الرصيف.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية في بيان اليوم الخميس، تثبيت مراسي تربط الرصيف العائم المؤقت بشاطئ قطاع غزة.
وقال بوب كيتشن نائب رئيس لجنة الإنقاذ الدولية لحالات الطوارئ: “بمجرد وصول المواد الغذائية أو الإمدادات إلى قطاع غزة، سواء من الرصيف أو المعابر، لا يوجد أمن… ولا يوجد وقود”.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إنشاء الرصيف في مارس (آذار) الماضي، في الوقت الذي ناشد فيه مسؤولون في مجال الإغاثة إسرائيل تحسين عملية توصيل إمدادات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر الطرق البرية، وتأمل الولايات المتحدة بذلك في مكافحة الأزمة الإنسانية التي تعرض مئات الآلاف لخطر المجاعة، من خلال فتح طريق لتوصيل المساعدات بحراً. ولكن المشروع مكلف وبطيء.
وأدى سوء الأحوال الجوية إلى تأخير بناء الرصيف الذي تقدر تكلفته بنحو 320 مليون دولار، ويشارك فيه 1000 من القوات الأمريكية. وأصرت الأمم المتحدة على أن التوصيل البحري ليس بديلاً عن إيصال المساعدات براً، وهو السبيل الذي يجب أن يظل تركيز عمليات الإغاثة في قطاع غزة منصباً عليه.
وتشكو الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة منذ فترة طويلة، من المخاطر والعقبات، التي تحول دون توصيل المساعدات، وتوزيعها في جميع أنحاء القطاع.
وفقدت الأمم المتحدة حتى الآن 191 موظفاً، من بينهم أول موظف دولي لقي حتفه يوم الإثنين الماضي، في الحرب المستمرة، منذ أكثر من 7 أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في القطاع، الذي يقطنه نحو 2.3 مليون نسمة.
وقال مسؤول بالأمم المتحدة بعد أن طلب عدم نشر اسمه: “في الأيام القليلة الأولى من أي عملية مثل هذه، سيكون هناك الكثير من التجربة والخطأ… ونأمل ألا تتسبب مرحلة التجربة والخطأ تلك في مقتل شخص ما”.
ويتهم كبار مسؤولي الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، إسرائيل، بعرقلة توصيل المساعدات إلى غزة وداخلها، لكن إسرائيل تنفي تقييد عمليات الإغاثة وتلقي في المقابل بمسؤولية وقوع أي مشكلات على الأمم المتحدة.
مسار معقد للمساعدات
والمساعدات التي ستدخل عبر الممر البحري في طريقها بالفعل. وغادرت سفينة بريطانية تحمل نحو 100 طن من المساعدات قبرص، أمس الأربعاء، وغادرت سفينة ترفع العلم الأمريكي قبرص الأسبوع الماضي.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الرصيف سيتعامل في البداية مع 90 شاحنة يومياً، لكن هذا العدد قد يصل بعد ذلك إلى 150 شاحنة.
وتقول الأمم المتحدة إن هناك حاجة إلى دخول 500 شاحنة يومياً لقطاع غزة. وذكرت في أبريل (نيسان) الماضي أن أكبر حجم من الإمدادات الإنسانية والتجارية التي دخلت القطاع منذ بدء الحرب بلغ في المتوسط 189 شاحنة يومياً، لكن وصول المساعدات قل كثيراً منذ أن بدأت إسرائيل عملية عسكرية في منطقة رفح جنوب قطاع غزة.
وأجبر نقص الوقود الحاد في قطاع غزة الأمم المتحدة، على تقنين استخدام الديزل والتحذير من احتمال توقف عمليات الإغاثة.
وقال مسؤول أمريكي ومصدر مطلع، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن هناك وقود كاف متاح للأمم المتحدة لبدء عمليات الاغاثة من الرصيف البحري. وقال المصدر إن الجيش الإسرائيلي وافق على توفير إمدادات كافية للعملية بشكل “منتظم ومتوقع”.
وبمجرد وصولها إلى اليابسة، ستقطع المساعدات الأمريكية مساراً صعباً يكتنفه الغموض وصولاً إلى المدنيين في القطاع. وذكرت الخطة التي أعلنها بايدن في مارس (آذار) الماضي أن شحن المساعدات سيتم من قبرص، حيث ستقوم إسرائيل أولاً بتفتيش الشحنات. ولن تتضمن العمليات نزول قوات أمريكية لشاطئ القطاع.
وبدلاً من ذلك، يقول مسؤولون أمريكيون ومن الأمم المتحدة إن طرفاً ثالثاً سيتسلم المساعدات من الرصيف وينقلها لمسافة قصيرة ثم يفرغها لتصبح في عهدة الأمم المتحدة. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن “طرفاً ثالثاً آخر، تتعاقد معه المنظمة الدولية، سيقوم بتحميل المساعدات على الشاحنات ونقلها إلى نقاط التوزيع في أنحاء قطاع غزة”.
وقال المسؤول في الأمم المتحدة إن “هناك خطة لتواجد موظفين من المنظمة الدولية قرب الرصيف للإشراف على عملية نقل المساعدات، وتوجيهها إلى نقاط التوزيع في جميع أنحاء القطاع، لكن إدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة لم توافق بعد على هذه الخطة”.
واضطر فريق تابع للأمم المتحدة وهو في زيارة لموقع الرصيف أواخر الشهر الماضي، إلى الاحتماء بعد أن تعرضت المنطقة لإطلاق نار. ولدى الأمم المتحدة مخاوف بشأن القدرة على ضمان الحياد من خلال البقاء على مسافة مناسبة من الجيش الإسرائيلي الذي سيوفر الدعم الأمني واللوجستي للرصيف.
وأكد مسؤول الأمم المتحدة أن الأمر لن يتضمن وجود أي تواصل “في أي وقت” بين الجيش الإسرائيلي وموظفي الأمم المتحدة. ولدى سؤال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عن المحادثات بين الولايات المتحدة والمنظمة الدولية بشأن نقل المساعدات من الرصيف، قال أمس الأربعاء،: “المناقشات مستمرة”.