الرئيسية / عربي ودولي / ظروف لبنان الاقتصادية تجعل ولائم رمضان محسوبة “بالورقة والقلم”

ظروف لبنان الاقتصادية تجعل ولائم رمضان محسوبة “بالورقة والقلم”

القرار

كثيرة هي المتغيرات التي طرأت على حياة شريحة كبيرة من اللبنانيين في رمضان 2023، ومنها التبدل الحاصل في المائدة الرمضانية من جهة، وتراجع العزائم الأسرية والاجتماعية من جهة ثانية، وصلت إلى حد التقلّص أو الجمع بين أكثر من أسرة على مائدة واحدة لتقاسم فاتورة الطعام تخفيفاً للأعباء.

فاللبناني الحريص على كرم الضيافة لإقامة الولائم في رمضان أصبح شبيهاً “كالقابض على الجمر” خاصة بالنسبة للمواطنين الذين ما زالوا يتقاضون رواتب ضعيفة بعملتهم الوطنية المنهارة، وسط غلاء فاحش بأسعار المواد الغذائية والحلويات الرمضانية. والنتيجة أصبحت الولائم الرمضانية “على الورقة والقلم” أي صار يحسب لها ألف حساب قبل تلبيتها أو التفكير في إقامتها للأقرباء والأصدقاء.

ميزانية خاصة للعزائم
“لا نلبّي العزائم”، لأنها تتطلب ميزانية خاصة لشراء ما يحول دون فراغ الأيدي خلال الزيارات مثل الحلويات التي أصبحت أسعارها “تحلق” على حد قول الأب يوسف أحمد (53 عاماً). ويقول إنه أصبح مجبراً هذا العام على إلغاء عادة اجتماعية أساسية متجذرة في حياته وهي العزائم. فاضطر هذا العام إلى رفض تلبية دعوات الإفطار من معارفه أو عائلته لأنه لا يستطيع “رد العزيمة بالمثل” أو إحضار حلويات فاخرة كما كان معتاداً على إحضارها في السنوات الماضية. ويشير إلى أن راتبه بالليرة اللبنانية ضعيف جداً فهو يعمل أستاذ مدرسة في مدرسة حكومية وما زال ينتظر أن يزيد راتبه كي يتمكن من إعالة أسرته التي تتكون من 4 أطفال.

بالحاضر والموجود
“لطالما كان داري مفتوحاً للجميع”، بهذا التعليق رد المواطن أبو جهاد العبدالله (عسكري متقاعد) على سؤال لموقع 24 حول قدرته على إقامة العزائم لعائلته في رمضان هذا العام. وقال “في رمضان 2023 جف نبع جيبي”، فلا مال يكفيني لفرد مائدة طعام كبيرة، ولا إمكانية لتشكيل سفرة وليمة كما اعتاد في الأعوام السابقة. وشدد على أن أسرته باتت تكتفي بما هو موجود وحاضر، بعدما اعتاد في مواسم رمضان سابقة على “فرد سفر مما لذ وطاب من يخنات فاخرة غنية باللحوم والدجاج والأسماك”.

استقبال الضيف الكريم
المشهد يختلف عند الخالة أم وائل حجازي، التي تعتبر من الأسر البيروتية العريقة، وأصحاب الأملاك والعقارات، لكن رغم ذلك أبلغتنا بأنّ أولمت في أول يوم من الشهر سفرة كبيرة جمعت فيها الأبناء المتزوجين وأسرهم، فلا قدرة للولائم والعزائم والضيافات، بل اقتصر الأمر عن جمعة أول أيام الشهر استقبالاً لشهر رمضان.
لذلك آثرت الخالة أم وائل على عدم تلبية دعوات الإفطار تتلقاها بأدب ولياقة، لأنها رد الدعوى بالمثل إلى الإفطار، فكانت في كل مرة تتذرع بحجة مختلفة لرفض العزائم التي تتلقاها.

“إيد على إيد”
عزّام الأحمدي دخله محدود وبالليرة اللبنانية مع أنه يعمل ما يزيد على 12 ساعة في اليوم، إلا أن إعداد إفطار يومي متعدد الأنواع يجمعه بزوجته وبناته الثلاث، يُعتبر أمراً خارقاً لطبيعة مدخوله، فكان أن توافق مع صهره وللعام الثاني على التوالي، بالاجتماع يومياً في منزل أحدهما واقتسام الإفطار، فكل منهما يحضر طبقاً وتتلون المائدة.
لكن الأمر أعجب نسيبهما الذي أبلغهما رغبته في المشاركة وأصبحت طاولة الإفطار متنوعة الألوان والأطباق، حتى أن اللحم بدأ يدخلها، بسبب توزع سعره على ثلاث أرباب أسر، وليس شخصاً واحداً، ما يخفف من الأعباء والتكاليف.

فاتورة عزيمة إفطار بالتقاسم
وبما أن الشهر الفضيل تخلله أول أبريل (نيسان)، وقبض راتب، أخبرنا البعض بأنهم استغلوا الفرصة “ودلّعوا أنفسهم”، مثل “عبدالله شريف” الذي لجأ إلى ما يُعرف بـ” سات منيو”، أي بحث عن مطعم يقدم وجبات إفطار جماعية بأسعار في متناول اليد.

وأوضح أنه تكلف مبلغ 20 دولاراً، على إفطار لأربعة أشخاص (مع زوجته وأمه وابنته الشابة) وتناولوا الدجاج مع الأرز البرياني وحساء العدس، إضافة إلى المقبلات الباردة والساخنة والمشرويات الرمضانية.
وأيضاً أشار الشاب وليد العبدالله (24 عاماً) إلى أنه توافق مع 3 من أصدقائه عند قبض رواتبهم على المشاركة في إفطار بأحد المطاعم قيمته 40 دولاراً لأربعة أشخاص، وهو ما يعتبر ضمن الإمكانيات، وخفض التكلفة إلى الربع.

الحلويات بالحبة
أما الحلويات الرمضانية أصبح يشتريها الشاب أحمد بيضون “بالحبة” وليس بالكيلو، مشيراً إلى أنه اضطر لشراء 6 قطع حلويات بالقشطة على عدد أفراد أسرة صديقه الذي دعاه إلى مائدة الإفطار في منزله.

واعتبر الطالب الذي سيتخرج من الجامعة العام المقبل أن الأزمة تمكّنت من إضعاف القدرة الشّرائية لوالده الذي كان قبل الأزمة يوفر لهم حياة كريمة، ويذكر أنه اضطر للعمل مدرساً خصوصياً ليمكن من تأمين قسط جامعته ومساعدة والده على إعالة الأسرة.

أما الأب يوسف خليل فأوضح أن العزائم الرمضانية هذا العام التي دعي لها من قبل أسرته وأصدقائه، فرضت عليه تغيير خياراته في شراء الحلويات الرمضانية، واضطر الابتعاد عن الأصناف المليئة بالقشطة والمكسرات، واستبدالها بالأصناف الرخيصة ليستطيع تلبية ولائم الإفطار التي يدعى إليها دون الدخول “فاضي الوفاض”.

عن Tabarak Safwan

شاهد أيضاً

كوريا الشمالية تتعهد بإزالة آثار أضرار الفيضانات دون مساعدة خارجية

شكر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الدول الأجنبية والمنظمات الدولية على استعدادها لتقديم المساعدة …